مرصد هابل الفضائي، المعروف اختصارًا بتلسكوب هابل، هو تلسكوب فضائي يدور حول الأرض، ويُعتبر واحدًا من أهم الأدوات الفلكية التي ساهمت في اكتشافات علمية كبيرة منذ إطلاقه. تم إطلاق تلسكوب هابل في 24 أبريل 1990 بواسطة مكوك الفضاء "ديسكفري" كجزء من مهمة STS-31، وهو مشروع مشترك بين وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" ووكالة الفضاء الأوروبية "ESA".
-
اين يقع مدار المرصد؟
يقع تلسكوب هابل الفضائي في مدار أرضي منخفض (Low Earth Orbit - LEO) على ارتفاع حوالي 547 كيلومترًا (حوالي 340 ميلًا) فوق سطح الأرض. يدور هابل حول الأرض بسرعة تقارب 27,300 كيلومتر في الساعة (حوالي 17,000 ميل في الساعة) ويكمل دورة كاملة حول الأرض كل حوالي 95 دقيقة.
هذا المدار يُمكّنه من البقاء فوق الغلاف الجوي للأرض، مما يمنحه رؤية واضحة وغير مشوشة للكون، حيث لا يتأثر برؤية الغلاف الجوي مثل التلسكوبات الأرضية. ومن هذا الموقع، يستطيع هابل مراقبة الفضاء العميق وتقديم صور عالية الوضوح للأجرام السماوية.
-
الغرض من إطلاق تلسكوب هابل الفضائي
رصد الكون بوضوح عالي: تلسكوب هابل موجود في مدار فوق الغلاف الجوي للأرض، مما يتيح له رؤية الأجرام السماوية بوضوح أكبر مما يمكن تحقيقه باستخدام التلسكوبات الأرضية. الغلاف الجوي للأرض يمكن أن يشوه الصور الفلكية، لكن هابل، بوجوده في الفضاء، يتجنب هذا التشويش ويستطيع التقاط صور عالية الدقة.
دراسة تطور المجرات والنجوم والكواكب: هابل مصمم لدراسة تكوين وتطور المجرات، النجوم، والكواكب. وقد ساعد في الكشف عن تفاصيل مهمة حول تكوين النجوم وتطورها، وكذلك دراسة الكواكب داخل وخارج نظامنا الشمسي.
فهم توسع الكون: من خلال رصد المجرات البعيدة وحساب تحركها، ساهم هابل في توفير بيانات مهمة لدراسة توسع الكون. واحدة من أعظم اكتشافاته كانت تحديد معدل توسع الكون بدقة أكبر، وهو ما يُعرف بـ"ثابت هابل".
البحث عن المادة المظلمة والطاقة المظلمة: ساعدت ملاحظات هابل في تقديم أدلة حول وجود المادة المظلمة والطاقة المظلمة، وهي مكونات غامضة تشكل جزءًا كبيرًا من الكون ولكن لا يمكن رؤيتها بشكل مباشر.
استكشاف النظام الشمسي والكواكب الخارجية: قام هابل بدراسات مكثفة للكواكب والمذنبات داخل نظامنا الشمسي، وساهم في اكتشاف وتوصيف كواكب خارج نظامنا الشمسي، مما يساعد العلماء في البحث عن حياة خارج كوكب الأرض.
-
تلسكوب هابل الفضائي، منذ إطلاقه في عام 1990، قدم مساهمات هائلة للعلم من خلال اكتشافات غيرت فهمنا للكون. بعض الاكتشافات العلمية المهمة التي حققها تلسكوب هابل:
1. تحديد معدل توسع الكون بدقة أكبر
أحد أعظم إنجازات هابل هو قياس "ثابت هابل" بدقة أكبر، وهو المعدل الذي يتوسع به الكون. قبل هابل، كان هناك عدم يقين كبير حول قيمة ثابت هابل، مما أدى إلى تقديرات مختلفة لعمر الكون. باستخدام مشاهدات هابل للمجرات القريبة والعنقودية، تمكن العلماء من تقليل عدم اليقين في قيمة ثابت هابل، مما ساعد في تقدير عمر الكون بحوالي 13.8 مليار سنة.
2. رصد المجرات البعيدة والقديمة
استخدم هابل كاميراته لرصد أعمق أجزاء الكون من خلال حملات مثل "حقول هابل العميقة" (Hubble Deep Field وUltra-Deep Field). اكتشف التلسكوب بعضًا من أقدم المجرات التي تشكلت بعد بضع مئات من ملايين السنين فقط من الانفجار العظيم. هذه الصور كشفت عن تفاصيل جديدة حول كيفية تشكل المجرات وتطورها مع مرور الزمن، مما يوفر نافذة فريدة لفهم ماضي الكون.
3. اكتشاف الطاقة المظلمة
في عام 1998، قدمت ملاحظات هابل حول المستعرات العظمى من النوع 1A دليلًا على أن الكون لا يتوسع فحسب، بل إن توسعه يتسارع بسبب قوة غامضة تُعرف بـ"الطاقة المظلمة". هذا الاكتشاف كان ثوريًا، إذ غير فهمنا للكون ومصيره. الطاقة المظلمة الآن تُعتبر واحدة من أكبر الألغاز في الفيزياء.
4. فهم تكوين الكواكب والنجوم
هابل قدّم صورًا مفصلة لسُدم مثل سديم الجبار (Orion Nebula) وسديم النسر (Eagle Nebula)، حيث تُظهر هذه الصور "أعمدة الخلق" الشهيرة (Pillars of Creation)، وهي مناطق من الغاز والغبار الكثيف حيث تتشكل النجوم الجديدة. ملاحظات هابل للكواكب الخارجية حول نجوم أخرى ساعدت أيضًا في تقديم رؤى حول تكوين الكواكب وتطورها.
5. دراسة الثقوب السوداء
ساعد هابل في تقديم أدلة قوية على وجود ثقوب سوداء فائقة الكتلة في مراكز معظم المجرات، بما في ذلك مجرتنا درب التبانة. باستخدام أداة الطيف الخاصة به، تمكن هابل من قياس سرعة النجوم والغازات التي تدور حول هذه الثقوب السوداء، مما ساعد العلماء على تقدير كتلها.
6. مراقبة التغيرات في الغلاف الجوي للكواكب في النظام الشمسي
هابل قام برصد الغلاف الجوي لكواكب مثل المشتري وزحل وأورانوس ونبتون، مما مكن العلماء من دراسة الأنماط المناخية والتغيرات في الوقت الفعلي. على سبيل المثال، قدم هابل صورًا مفصلة للعواصف على المشتري، مثل العاصفة الحمراء الكبرى، ورصد تشكل وتفكك العواصف على زحل.
7. تأكيد وجود كواكب خارج النظام الشمسي
بينما لم يكن هابل مخصصًا لاكتشاف الكواكب الخارجية، إلا أنه لعب دورًا حاسمًا في تأكيد وجودها ودراستها. ساعد في دراسة الغلاف الجوي لبعض هذه الكواكب، مما كشف عن مكونات الغلاف الجوي مثل الماء، وأكاسيد الكربون، وحتى الجليد. هذه الدراسات قدمت رؤى قيمة حول احتمالية وجود حياة خارج الأرض.
8. رصد المستعرات العظمى ومراحل تطور النجوم
قدم هابل صورًا تفصيلية للمستعرات العظمى، مثل SN 1987A في مجرة السحابة الكبرى (Large Magellanic Cloud). هذه الملاحظات وفرت تفاصيل جديدة حول كيفية تطور النجوم وكيفية انتشار العناصر الثقيلة في الفضاء بعد الانفجار.
9. اكتشاف براكين ونشاط جيولوجي خارج الأرض
اكتشف هابل وجود براكين جليدية على قمر المشتري "يوروبا" ونشاط جيولوجي على قمر زحل "إنسيلادوس". هذه الاكتشافات كانت مهمة لأنها تشير إلى وجود محيطات تحت السطح يمكن أن تكون بيئات مناسبة للحياة.
حُرر المقال من قبل/ عبدالرحمن الجديد